فضیلت سکوت
ِقَالَ الصَّمْتُ شِعَارُ الْمُحَقِّقِینَ بِحَقَائِقِ مَا سَبَقَ وَ جَفَّ الْقَلَمُ بِهِ وَ هُوَ مِفْتَاحُ کُلِّ رَاحَةٍ مِنَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ فِیهِ رِضَاءُ الرَّبِّ وَ تَخْفِیفُ الْحِسَابِ وَ الصَّوْنُ مِنَ الْخَطَایَا وَ الزَّلَلِ قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ سِتْراً عَلَى الْجَاهِلِ وَ زَیْناً لِلْعَالِمِ وَ مَعَهُ عَزْلُ الْهَوَى وَ رِیَاضَةُ النَّفْسِ وَ حَلَاوَةُ الْعِبَادَةِ وَ زَوَالُ قَسْوَةِ الْقَلْبِ وَ الْعَفَافُ وَ الْمُرُوَّةُ وَ الظَّرْفُ فَأَغْلِقْ بَابَ لِسَانِکَ عَمَّا لَکَ بُدٌّ مِنْهُ لَا سِیَّمَا إِذَا لَمْ تَجِدْ أَهْلًا لِلْکَلَامِ وَ الْمُسَاعَدَةِ فِی الْمُذَاکَرَةِ لِلَّهِ وَ فِی اللَّهِ وَ کَانَ رَبِیعُ بْنُ خَیْثَمٍ یَضَعُ قِرْطَاساً بَیْنَ یَدَیْهِ فَیَکْتُبُ کُلَّمَا یَتَکَلَّمُ بِهِ ثُمَّ یُحَاسِبُ نَفْسَهُ فِی عَشِیَّتِهِ مَا لَهُ وَ مَا عَلَیْهِ وَ یَقُولُ أَوِّهْ نَجَا الصَّامِتُونَ وَ بَقِینَا وَ کَانَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص یَضَعُ حَصَاةً فِی فِیهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ یَتَکَلَّمَ بِمَا عَلِمَ أَنَّهُ لِلَّهِ وَ فِی اللَّهِ وَ لِوَجْهِ اللَّهِ أَخْرَجَهَا مِنْ فَمِهِ وَ أَنَّ کَثِیراً مِنَ الصَّحَابَةِ کَانُوا یَتَنَفَّسُونَ تَنَفُّسَ الْغَرْقَى وَ یَتَکَلَّمُونَ شِبْهَ الْمَرْضَى وَ إِنَّمَا سَبَبُ هَلَاکِ
دِعَامَةُ الْإِنْسَانِ الْعَقْلُ وَ الْعَقْلُ مِنْهُ الْفِطْنَةُ وَ الْفَهْمُ وَ الْحِفْظُ وَ الْعِلْمُ وَ بِالْعَقْلِ یَکْمُلُ وَ هُوَ دَلِیلُهُ وَ مُبْصِرُهُ وَ مِفْتَاحُ أَمْرِهِ فَإِذَا کَانَ تَأْیِیدُ عَقْلِهِ مِنَ النُّورِ کَانَ عَالِماً حَافِظاً ذَاکِراً فَطِناً فَهِماً فَعَلِمَ بِذَلِکَ کَیْفَ وَ لِمَ وَ حَیْثُ وَ عَرَفَ مَنْ نَصَحَهُ وَ مَنْ غَشَّهُ فَإِذَا عَرَفَ ذَلِکَ عَرَفَ مَجْرَاهُ وَ مَوْصُولَهُ وَ مَفْصُولَهُ وَ أَخْلَصَ الْوَحْدَانِیَّةَ لِلَّهِ وَ الْإِقْرَارَ بِالطَّاعَةِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِکَ کَانَ مُسْتَدْرِکاً لِمَا فَاتَ وَ وَارِداً عَلَى مَا هُوَ آتٍ یَعْرِفُ مَا هُوَ فِیهِ وَ لِأَیِّ شَیْءٍ هُوَ هَاهُنَا وَ مِنْ أَیْنَ یَأْتِیهِ وَ إِلَى مَا هُوَ صَائِرٌ وَ ذَلِکَ کُلُّهُ مِنْ تَأْیِیدِ الْعَقْلِ
َلْقِ وَ نَجَاتِهِمُ الْکَلَامُ وَ الصَّمْتُ فَطُوبَى لِمَنْ رُزِقَ مَعْرِفَةَ عَیْبِ الْکَلَامِ وَ صَوَابِهِ وَ عَلِمَ الصَّمْتَ وَ فَوَائِدَهُ فَإِنَّ ذَلِکَ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِیَاءِ وَ شِعَارِ الْأَصْفِیَاءِ وَ مَنْ عَلِمَ قَدْرَ الْکَلَامِ أَحْسَنَ صُحْبَةَ الصَّمْتِ وَ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى مَا فِی لَطَائِفِ الصَّمْتِ وَ ائْتَمَنَهُ عَلَى خَزَائِنِهِ کَانَ کَلَامُهُ وَ صَمْتُهُ کُلُّهُ عِبَادَةً وَ لَا یَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِتِهِ إِلَّا المَلِکُ الْجَبَّارُ